Le parti de l'Istiqlal et le Rif (suite)
ولا يفوتني هنا أن أذكر الطريقة البشعة التي قتلت بها ابنة قائد الثورة محمد الحاج سلام أمزيان، الطفلة الصغيرة نعيمة التي داستها سنابك خيل المخازنية فبقرت بطنها واستشهدت في الحال.
لقد ظلت المنطقة على هذا الشكل لمدة أربع سنوات إلى غاية 1962، ظلت منطقة عسكرية منع بها كل شيء: السياسة، الصحافة... وبلغ عدد الضحايا منذ اندلاع الثورة الشعبية 8000 شهيد وآلاف الجرحى. يقول جيل بيرو في كتابه ”صديقنا الملك“: «إن القمع كان شرسا وعنيفا، وقدر عدد القتلى بالآلاف». وتم دفنهم في مقابر جماعية بآيث بوعيّاش وآيث حذيفة وإمزورن وغيرها.. والناجون من هذه المجازر يعرفون أماكن القبور. وعن المقابر الجماعية يقول مولاي محند: «... ففي تيزي وسلي بقبيلة كزنّاية حشروا 82 ضحية في كهف يقع في طريق تيزي وسلي ـ تالت مغيث ـ وغطّوهم بالتراب وهم أحياء بعدما عذّبوهم وشوّهوهم. وفي أجدير يقبيلة آيث ورياغل بمقاطعة الريف الوسطى حشروا 75 ضحية وقتلوهم رميا بالرصاص بعدما عذّبوهم وشوهوهم وكانوا يدفنون تحت جنح الظلام في أماكن مختلفة، مبعثرة هنا وهناك، ولكنها معروفة لدى المهتمين... وفي أربعاء توريرت ببني بوعيّاش بمقاطعة الريف الوسطى حشروا 35 ضحية قضوا فيها ثلاثين شهرا كلها تعذيلب وتنكيل، وأخيرا قتلوهم عن آخرهم. وبالضبط نقلوهم من هناك ليلة 6/10/1958 وقتلوهم ليلة 7/10/1958 بغابة على شاطئ بقبيلة بقيوة. وكلهم من أبناء الجنوب... وفي المعهد الديني بالحسيمة قتلوا 25 فردا ودفنوهم بنفس المعهد ووضعوا عليهم البلاط في بيوت معروفة... »(25). والقائمة طويلة...
خاتمة: في الأخير ندع الشهادات تحكم على نفسها عن دواعي قيام الانتفاضة الريفية المجيدة (59 ـ 58)، عام ”إقبّارن“. عن هذه الانتفاضة يقول مولاي محند: «... لقد اندلعت الآن مرة أخرى، ثورة شعبية بزعامة القائد محمد أمزيان، ليست ضد الاستعمار فحسب، بل ضد عملائه أيضا بالدرجة الأولى»(26).
أما متزعم الانتفاضة مّيس ن رحاج سلام أو قائد الريف كما لقبه مولاي محند، فيقول: «... هي انتفاضة شعبية معادية للاحتلال الأجنبي وحلفائه الحزبيين. تحولت إلى ثورة شعبية ضد قوات الاحتلال والحزبية الحاكمة لصالح هذا الاحتلال الأجنبي. انتفاضة وثورة قادها ونظمها مؤمنون بالعمل الوطني الميداني، لا بالعمل الحزبي العائلي ولا بالمراسلات والمنشورات. فتلك عملة الأجنبي تكرم بها على الحزبية المغربية. ونحن نرفض التعامل بها لأنها زائفة. ثورة قام بها رجال وزملاء وإخوان وأحفاد وتلامذة الأمير عبد الكريم الخطابي في بني ورياغل مسقط رأسه ومقر قيادة عمليات حربه التحريرية التي قادها في العشرينات: هؤلاء هم مسؤولو هذه الحركة الثورية. وكان لي شرف رئاستها برغبة المجاهدين رغم اعتراضي وإصراري على أن أكون جنديا في الميدان». ويضيف: «لقد وجدنا أن كل الملبسات تدعونا إلى القيام بهذه الحركة لإنقاذ الوطن من الانهيار، وإلا فسوف لن يرحمنا التاريخ والأجيال الصاعدة»(27).
المراجع:
1 ـ مولاي محند: «وقد اقتدت جماعة الرباط بجماعة تونس المستقلة فأبرمت اتفاقية أيكس ليبان إلى حيز العمل وأخذت تدلس وتغري المغرب بالكلام المعسول، وهي سائرة في نفس طريق اتجاه تونس. وستطالب المناضلين بإلقاء السلاح. فبعدما طلبت منهم الهدوء بحجة أن المفاوضات لا تكون إلا في هدوء، والهدوء لا يكون إلا بإلقاء السلاح وتسليمه لهذه الجماعة الرباطية الجالسة على عرشها، حيث يتفرغ الأعداء للقضاء على الجزائر. فحذار من السقوط في الفخ المنصوب. وإننا على يقين من أن الشعب سوف يستمر في الكفاح والنضال»، مجلة ”أمل“، عدد 8، سنة 1996.
2 ـ جريدة France-soir
3 ـ مولاي محند: «... لقد وصلت بهم الجرأة إلى تجنيد مفاوضة فرنسا التي تهدف أولا وأخيرا إلى استسلام المجاهدين الأبطال... أليست مفاوضة أيكس ليبان واتفاقية جي مولي ـ بورقيبة هي التي كانت في حقيقتها مؤامرة للقضاء على البلاد، نجح فيها العدو وعملاؤه بتخدير الشعب التونسي والمراكشي حتى يطمئن للاستقلال المزيف»، رسالة مولاي محند إلى محمد حسن الوزاني، ”العالم الأمازيغي“، عدد 17 ـ 18.
4 ـ مولاي محند: «لقد قام حزب الاستقلال والحكام بخداع المغاربة واغرقوا البلاد في الفوضى وتآمروا مع فرنسا»، ”العالم الأمازيغي“، عدد 24 يوليوز 2002.
5 – Clod Polazoli, "Parti de l'Istiqlal", Paris1960, page 135.
6 ـ المحجوبي أحرضان أو أشلحي ن سربيس: مباشرة بعد أحداث الريف الدموية تولى منصب وزارة الدفاع بعدما مر بمنصب عامل الرباط وسلا.
7 ـ يقول جون وارتربوري في كتابه ”الملكية والنخبة السياسية بالمغرب“:«لقد أراد بنبركة أن يجعل من حزب الاستقلال التنظيم السياسي الوحيد بالمغرب. ولتحقيق هذا الهدف لم يتردد في دفع الحزب إلى صراع دموي ضد المقاومة وجيش التحرير. في هذا الصدد يندرج اغتيال عباس لمساعدي مسؤول جيش التحرير بالريف». ثم يضيف: «ينتمي قادة المقاومة إلى مناطق مختلفة ولم يضعوا أبدا ثقتهم الكاملة في قادة الحزب: بوعبيد، بنبركة وابن الصديق، وقويت شوكتهم بعد اغتيال عباس لمساعدي بفاس في 27 يونيو 1956، والذي تم حسب ما قيل بأمر من بنبركة. وقد ازداد التوتر بينهما بعد مفاوضات أيكس ليبان». في حين يقول عبد الله الكنوني ـ جسر التواصل، عدد 20 ـ 22/4/200: «إن جميع التصفيات الجسدية والاغتيالات التي تمت بين سنوات 1956 ـ 1960 كان المسؤول عنها بشكل مباشر بنبركة والقيه البصري والأعرج».
في كتاب ”ذاكرة ملك“يقول الحسن الثاني: «كان جيش التحرير والمقاومة يشكلان جناحين مختلفين، كانت المقاومة المنتشرة في المدن على الخصوص، حساسة للغاية تجاه خطاب الأحزاب السياسية. وقد أراد بنبركة تسييس جيش التحرير أيضا... وكان هدفه بنبركة إخضاع التسعة أو العشرة آلاف رجل المكونين لجيش التحرير ليهيمن حزب كان سيصبح حزبا وحيدا. ونتيجة لذلك التحرك تم اختطاف واغتيال أحد مؤسسي جيش التحرير واسمه عباس مساعدي... وابتداء من ذلك لم اعد أكنّ له الاحترام الذي كنت أكنّه لأستاذي (بنبركة)».
8 ـ انظر كتاب ”المغرب في امتحان“ Le Maroc à l'épreuve لجان وسيمون لا كوتور.
9 ـ كمل الدين مراد، La Maroc à la recherche d'une révolution, Sindibad, page 60.
10 ـ A.Coram في Nation in North Africa, Arabs and berbers from tribes to rica, page 271.
11 ـ David Seddon, Moroccan pesants 1870 – 1970, page 176.
12 ـ نترك هذا النص بدون تعليق: «وقف رجلا خطيبا، وعلى الأسئلة رادا ومجيبا. فقال لو كانت الشمس لنا، لمنعناها أن تضيء إلا جمعنا وحزبنا، ولو كانت الأمطار في قبضتنا لأمرناها أن تلزم عرصتنا. سدّوا الطرق على المخالفين حتى يأتوا إلينا خائفين، لا إكرام ولا تشريف ولا عمل ولا وظيف، ولا خبز ولا رغيف إلا من أتى بورقة التعريف، وعليها الخاتم الظريف. هكذا علمنا مكيافيل، وهكذا أمرنا كوبلز وعبرائيل، فأقسموا الأيمان الغلاظ. إنكم ستكونون الأشداء الفظاظ. وليتجرد كل واحد منكم من قلبه وروحه ولبه. إياكم أن ترحموا من المخالفين دامعا أو تطعموا جائعا ولو كان معتزا وقانعا. اطردوا العامل من ورشه وأخرجوا الفقير من فرشه، ولا توظفوا المخالف المعاند، واطردوا كل حر ومحايد وقربوا الأصدقاء الرائح والوارد ووظفوا الولد والوالد. هذه وصيتي إليكم وتوجيهاتي المجانية لكم، قوموا وغلظوا الأوباش وسوقوهم كالأكباش»، منشور بجريدة ”الرأي العام“، عدد 21، مارس 1957، أورده مصطفى العلوي في كتابه ”الأغلبية الصامتة“.
13 ـ انظر كتاب ”الريف بين القصر، جيش التحرير وحزب الاستقلال“ لمصطفى أعراب، صفحة 102.
14 ـ انظر جريدة ”بادس“، العدد 16 ـ 17 نونبر 2002.
15 ـ كان الثوار يحصلون على القنابل من مّوح أبركان بآيث حذيفة، الذي كان مكلفا بصنع القنابل اليدوية.
16 ـ L'observateur du Moyen-Orient, 28 novembre 1959.
17 ـ انظر جريدة ”الصحيفة“، عدد 47، يناير 2002.
18 ـ يقول الغالي الطود في الرسالة التي وجهها إلى مولاي محند يوم 2 أبريل 1959: «التنظيم بين الصفوف يدعو إلى الإعجاب، ولكنهم بحاجة إلى السلاح. فالقطع التي انتزعها من جيش المستعمرين والحزبيين لا تكفي بالنصر النهائي ولا سيما أن العدو يعرف أن الريفيين إذا وضعوا أيديهم على السلاح، فالنهاية رهيبة لكل الأعداء»، الصحيفة، عدد 47.
19 ـ نفس المصدر السابق.
20 ـ عن تقرير بحنيف (سويسرا) بتاريخ 2 فبراير 1959. أرسل الأمين العام لحزب الشورى والاستقلال محمد حسن الوزاني إلى مولاي محند رسالة يقول فيها: «... لقد تألمت أشد الألم بما علمته حول الوحشية المرتكبة ضد الأحرار بالريف من طرف القوات المضادة تحت قيادة الفرنسيين، ويجب أن نفضح تلك الوحشية بكل تفاصيلها وفضائحها في الداخل والخارج لأنها مجهولة لحد الآن. الصحف الفرنسية الباريزية في الأسبوع الأخير كتبت بصريح العبارة أن حكومة الرباط استخدمت رسميا قوات الاحتلال واستنجدت بالجيش الفرنسي وأن الطائرات التي دمرت ما دمرته في جهة الحسيمة كانت بقيادة الفرنسيين وتحت يدي القصاصات التي ذكرت ذلك، مما يؤكد ما ورد في رسالتكم وأسفاه»، الصحيفة، نفس المرجع المذكور.
21 ـ في خطابه الرسمي إثر انتفاضة 1984، قال الحسن الثاني: «أما سكان الريف فهم يعرفونني جيدا».
22 ـ مولاي محند: «... أما المعتقلون فقد بلغ عدد الذين عذبوا في هذه المعتقلات الجهنمية التي ذكرناها بالضبط والتدقيق 9672، كلها معروفة بالاسم واللقب والعمر والمهنة وحتى الحالة المدنية. لا يتسع المجال لذكرها في هذه الآونة. وأطلق صراح 6520 لغاية 26/2/1960 وجلهم ما زالوا مشوهين ومبتورين من الأعضاء التناسلية أو الأرجل أو العيون أو الأذن. أما الباقي فما زال في غياهب السجون والمعتقلات المجهولة، على أن جلهم قد لاقوا حتفهم من جراء التعذيب»، مقتطف من رسالة مولاي محند إلى الأمين العام لحزب الشورى والاستقلا محمد الحسن الوزاني في 27 يوليوز 1960 من القاهرة، ”العالم الأمازيغي“، العدد 17 ـ 18.
23 ـ الصحيفة، عدد 47، يناير 2002.
24 ـ نفس المصدر السابق
25 ـ مقتطف من رسالة مولاي محند إلى الأمين العام لحزب الشورى والاستقلال، القاهرة في 27 يوليوز 1960.
26 ـ الصحيفة، عدد 47 يناير 2002.
27 ـ نفس المصر السابق.